الاقتصاد الفرنسي: ما مظاهر قوة الفلاحة و الصناعة و التحديات التي تواجهه؟
يعتبر الاقتصاد الفرنسي من أقوى الاقتصادات العالمية، فهي تعد قوة فلاحية أولى و ثاني قوة صناعية في الاتحاد الأوروبي، غير أنها تواجه عدة مشاكل و تحديات خصوصا ي السنوات الأخيرة، فماهي مظاهر قوة اقتصادها؟ و ما هي أهم المشاكل و التحديات التي تواجه اقتصادها؟
* الفلاحة في فرنسا:
1- مكانة القطاع الفلاحي في الاقتصاد الفرنسي:
تولي فرنسا أهمية كبرى للفلاحة، فهي تحتل مكانة رئيسية في اقتصادها، حيث تساهم بقسط كبير في الإنتاج الفلاحي داخل الاتحاد الأوروبي، فهي أول قوة فلاحية في أوروبا و ثاني مصدري المنتجات الفلاحية في العالم بعد أمريكا، و تتميز الفلاحة بالتنوع و أبرز منتوجاتها الحبوب و الشمندر و البطاطس و الكروم، مع قطعان مهمة من الخنزير و الغنم و الأبقار.
و قد تراجعت المساحات المزروعة في فرنسا بسبب المد العمراني خلال السنوات الأخيرة و كدا بسبب نهج سياسة ضم الأراضي، كما أن فرنسا أدخلت الآلات الحديثة في الميدان مما أدى الى تقليص عدد العمال و الفلاحين، و في المقابل فقد ساعدت المكننة و التقنيات العصرية في زيادة الإنتاج، إضافة الى الاعتماد على فلاحة بيولوجية خالية من الكيماويات و استعمال المواد الطبيعية كبديل عنها من أجل ضمان الجودة و حماية المجال البيئي.
2- عوامل القوة في القطاع الفلاحي في فرنسا:
تساهم عدة عوامل في صدارة القطاع الفلاحي الفرنسي من مجملها توفرها على سهول و أحواض شاسعة، مع تربة خصبة و مناخ متنوع بين محيطي و شبه محيطي غربا و شبه قاري شرقا و متوسطي في جنوب شرق فرنسا و جبلي بمرتفعاتها، كما أن فرنسا تعمل على تحفيز الفلاحين و تحتهم على الانخراط ضمن التعاونيات، و ترعى البحث الزراعي و العلمي و تقيم السدود و تسعى لترشيد مياه الري و نجاعته من خلال الآلات المتطورة، و كدلك استفادتها من سياسة الاتحاد الأوروبي في القطاع.
* مكانة القطاع الصناعي في الاقتصاد الفرنسي:
1- مكانة الصناعة في فرنسا:
تعتبر الصناعة في فرنسا من أهم القطاعات فهي تساهم بحصة مهمة في الناتج الصناعي للاتحاد الأوروبي و هي ثاني قوة صناعية داخل الاتحاد و قوة رابعة عالميا في هدا المجال، و تحتل الدرجة الثانية من حيث مساهمتها في ناتج فرنسا الخام، و توفر فرص عمل لشريحة كبيرة من المواطنين، و تتصدر مختلف المصنوعات صادرات فرنسا الى الخارج، و تتنوع صناعاتها بين الثقيلة و الخفيفة و الغذائية و التحويلية و الفضاء و تتركز أهم مناطقها الصناعية في باريس العاصمة و ضواحيها، و الشمال و بمنطقتي اللورين و الألزاس و بالجنوب الشرقي و الجنوب الغربي.
2- عوامل القوة في القطاع الصناعي الفرنسي:
تتمثل عوامل قوة القطاع لصناعي الفرنسي في كون فرنسا نهجت سياسة خوصصة جل مؤسساتها الاقتصادية ابتداء من سنة 1986 ميلادية، و جاء دلك بعدما كانت قد عملت على تأميمها عند نهاية الحرب العالمية الثانية ثم ترسيخ هده السياسة ما بين سنتي 1982 ميلادية و 1986 ميلادية بهدف تجاوز آثار الأزمة الاقتصادية العالمية الكبرى، فنجحت في سياستها الجديدة من حيث أن القطاع الخاص عمل على تطوير الصناعة و دلك بتركيز الرأسمال و احداث شركات كبرى، و تم الانفتاح على الخارج بإنجاز شراكات و جلب استثمارات سواء داخل أو خارج فرنسا لا سيما بالدول الصاعدة التي تتوفر على كثلة عمالية ضخمة رخيصة و قلة تكاليف الإنتاج، و قد ساعد في تطوير الصناعة الفرنسية أيضا توفرها على قاعدة سكانية كبيرة مع مدخول فردي مرتفع، و توفرها على مجموعة من المعادن المهمة خاصة البوتاس و الأورانيوم.
* التحديات و الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الفرنسي:
تواجه الاقتصاد الفرنسي عدة صعوبات في الفلاحة تتمثل في تباين الإنتاج حيث أن فرنسا تنتج كمية كبيرة من الحبوب و الشمندر و الحليب، مقابل كمية متواضعة من الفواكه و الخضر، و كدلك تبقى تكلفة الإنتاج في القطاع الفلاحي مرتفعة و تراجع نسبة الدعم المقدم لفئة الفلاحين، و أيضا معاناتها مع المنافسة القوية للدول الكبرى في المجال.
أما في المجال الصناعي فتتمثل التحديات التي تواجه فرنسا في انتشار مجموعة كبيرة من المقاولات الصغيرة و المتوسطة ، مما زاد من حدة المنافسة العالمية في القطاع الدي تتحكم فيه بشكل كبير الشركات العملاقة و خاصة منها المتعددة الجنسيات، إضافة الى ضعف مواكبة تكوين اليد العاملة و نقص بعض المواد الأولية التي تضطر الى استيرادها و بالتالي زيادة في التكاليف، مع شح في مصادر الطاقة.
إضافة الى دلك تعاني فرنسا من ارتفاع الشيخوخة، و تزايد نسبة البطالة، و ارتفاع تكاليف الحماية الاجتماعية و رواتب المعاشات و التعويضات المختلفة، زيادة على دلك هناك تباين بين المناطق الاقتصادية حيث تتمركز أغلبها بباريس و الشمال و الشرق، مقبل ضعفها بباقي المناطق الأخرى، الشيء الدي خلق فوارق بين الحواضر الكبيرة و القرى.
و تبقى المشاكل البيئية التي تعاني منها كل دول العالم من أهم التحديات أمام فرنسا و غيرها من باقي الحكومات لا سيما فيما يهم تلوث الهواء و الماء و استنزاف ثروات الطبيعة و الفرشة المائية .
رغم كل الصعوبات و التحديات التي تواجه الاقتصاد الفرنسي، فإنها تبقى قوة اقتصادية عالمية تساهم بنسبة كبيرة في اقتصاد الاتحاد الأوروبي و العالمي، و تسعى باستمرار لتطوير كل القطاعات خاصة منها الفلاحة و الصناعة لمسايرة التحولات التي يعرفها الاقتصاد العالمي، من خلال البحث العلمي و تطوير الكفاءات و اليد العاملة لتأهيلها، و تحسين الإنتاج بالاعتماد على الوسائل و التقنيات الحديثة و التكنولوجيات العصرية، كما تعمل بتنسيق مع باقي حكومات الدول الأخرى للوصول الى حلول عملية للتقليص من الاحتباس الحراري و التلوث من خلال البحث عن مصادر الطاقة النظيفة كبديل لمصادر الطاقة الكلاسيكية.
تعليقات
إرسال تعليق