القائمة الرئيسية

الصفحات

تدهور العلاقات المغربية الجزائرية: الأسباب و الظروف و السيناريوهات المحتملة

تحليل شامل للوضع الحالي بين المغرب والجزائر 

تشهد العلاقات المغربية الجزائرية واحدة من أكثر الفترات توترًا في تاريخها الحديث، حيث تدهورت العلاقات بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة، هذه الأزمة الدبلوماسية المستمرة تثير تساؤلات حول إمكانية تحسين العلاقات في المستقبل القريب، و في هذا المقال، سنتناول بالتحليل الشامل آخر التطورات في هذه العلاقة، والأسباب الجذرية وراء التوترات، وأبرز المستجدات والتصريحات السياسية، مع محاولة استشراف مستقبل العلاقات بين الجارين المغاربيين.

تدهور العلاقات المغربية الجزائرية: الأسباب و الظروف و السيناريوهات المحتملة
الحدود المغربية الجزائرية 

جذور الخلافات المغربية الجزائرية: التاريخ والسياسة

يعود التوتر بين المغرب والجزائر إلى عقود مضت، ويتداخل في طياته التاريخ والجغرافيا والسياسة، و إحدى أهم النقاط الخلافية التي ظهرت منذ ستينيات القرن الماضي هي قضية الصحراء المغربية.

في عام 1975، بعد انسحاب إسبانيا من المنطقة، طالب المغرب بالسيادة على الصحراء المغربية، بينما دعمت الجزائر جبهة البوليساريو التي تسعى إلى استقلال المنطقة، فأدى هذا النزاع إلى تصعيد التوترات اتي تباينت بين الشد و الجدب و التهدئة و التصعيد.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل تاريخية أخرى مثل الصراع على الحدود التي قسمها المستعمر على هواه و حسب مصلحته الخاصة منتزعا أجزاء من بلد معين و ضمه لبلد آخر.

التصعيد الأخير: قطع العلاقات الدبلوماسية

في أغسطس 2021، أعلنت الجزائر عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مشيرة إلى أن القرار جاء نتيجة ما وصفته بـ"الأعمال العدائية المتواصلة" من قبل المغرب.
أشارت الجزائر إلى قضايا متعددة منها التجسس باستخدام برنامج بيغاسوس المزعوم، ودعم المغرب للحركات التي تصفها الجزائر بـ"الإره  ابية" في إشارة الى حركة الماك، إضافة إلى تصريحات مغربية حول القبائل الجزائرية.
في المقابل، أكد المغرب أنه يسعى دائمًا إلى علاقات أخوية مع الجزائر، معبّرًا عن أسفه لهذا القرار و عدم تأسيسه على أي سبب حقيقي و أن كل الادعاءات باطلة لا صلة لها تماما بالحقيقة.

المستجدات على الصعيد الدولي: دور القوى الكبرى

تلعب القوى الدولية، مثل فرنسا والولايات المتحدة، دورًا مهمًا في الصراع بين البلدين، حيث تسعى بعض الدول الكبرى إلى الحفاظ على استقرار المنطقة نظرًا لأهميتها الاستراتيجية.
الولايات المتحدة، على سبيل المثال، اعترفت بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما أثار غضب الجزائر، كما تناسلت الاعترافات بعدها و كان أهمها الاعتراف الاسباني المهم بحكم أنها القوة الاستعمارية السابقة للمنطقة، و أخيرا الاعتراف الغير القابل للشك و لا التأويل من جهة فرنسا و تحسن العلاقات المغربية الفرنسية، خصوصا أن فرنسا تعلم جيدا خبايا و أسرار الملف بحكم استعمارها للجزائر أكبر مدة زمنية تجاوزت 132 سنة مع استعمارها لأجزاء مهمة من التراب المغربي، فكانت الصدمة الكبرى للنظام الجزائري الدي صار متأكدا من قرب انتهاء النزاع و اثبات الحق لصاحبه.

التصريحات السياسية الأخيرة: حوار أم مواجهة؟

في السنوات الأخيرة، شهدنا تصريحات متبادلة بين المسؤولين في كلا البلدين تعكس حجم الخلافات، الجزائر تتهم المغرب بالتورط في محاولات زعزعة استقرارها، بينما يدعو المغرب إلى حل القضايا العالقة عبر الحوار الدبلوماسي.
كما أن المغرب أكد على لسان الملك في أكثر من مناسبة، آخرها خطاب العرش لعام 2021، أن يده ممدودة دائمًا للحوار مع الجزائر، وأنه يسعى إلى بناء علاقات أخوية تعود بالنفع على شعبي البلدين.
النظام الجزائري يتخبط في المشاكل المعقدة داخليا و خصوصا صراع الأجنحة العسكرية و تحكمها في الرئاسة، و بالتالي يكون من الضروري تصدير الأزمة الى الخارج من باب العداء المجاني للمغرب و مناكفته في أرضه و محاولة تقسيمه و بث نزعات الانفصال في المنطقة و الاستمرار في نهج سياسة العدو الخارجي الكلاسيكي.

تأثير النزاع على العلاقات الاقتصادية والاجتماعية

النزاع الدائم بين البلدين أثر بشكل كبير على العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن التجارة مثلا بين المغرب والجزائر تعاني من ركود تام منذ عقود بسبب إغلاق الحدود البرية بين البلدين مند عام 1994، وهو ما أثر سلبًا على سكان المناطق الحدودية الذين يعتمدون على التجارة عبر الحدود، كما أن العلاقات الثقافية والاجتماعية بين شعبي البلدين تأثرت بفعل التوترات السياسية، مما زاد من الهوة بين المجتمعين و ساهم في التفرقة بين الأسر الدين تربط بينهم أواصر القرابة و الصهارة.

مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية: سيناريوهات محتملة

على الرغم من التصعيد المستمر، يبقى هناك أمل في تحسين العلاقات بين البلدين، هناك سيناريوهات متعددة قد تتطور في المستقبل، من بينها:
الحوار الدبلوماسي المباشر: قد تقوم أطراف دولية أو إقليمية بالتوسط لإعادة الحوار بين البلدين، خصوصًا مع تزايد الضغوط الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
استمرار التوتر: إذا لم يتم تحقيق تقدم في القضايا الخلافية الكبرى، قد يستمر التوتر لسنوات قادمة، مع مزيد من التصعيد الدبلوماسي والاقتصادي.
التهدئة التدريجية: قد يختار البلدين مسار تهدئة تدريجي، يركز على تحسين التعاون في المجالات غير السياسية مثل الاقتصاد والثقافة، قبل التطرق إلى القضايا السياسية الشائكة.

الخلاصة

يبقى السؤال المركزي هو: هل يمكن للمغرب والجزائر تجاوز الخلافات العميقة وتحقيق تقارب حقيقي؟
على الرغم من التحديات الكبيرة، فإن الحلول ليست مستحيلة، و يعتمد تحسين العلاقات على الإرادة السياسية لكلا البلدين خصوصا من جهة الجزائر التي تدعم ماديا و دبلوماسيا جبهة البوليساريو و دلك بالتوقف عن تسليحها، إضافة إلى دعم المجتمع الدولي.
ان التهدئة تبقى ممكنة إذا ما تم وضع مصلحة شعبي البلدين فوق أي اعتبارات سياسية، فالمنطقة المغاربية بحاجة إلى تكامل اقتصادي وسياسي لتحقيق استقرار دائم في ظل التكتلات السياسية و الاقتصادية التي يشهدها العالم.

تقاسموا معنا آرائكم و تعليقاتكم القيمة من أجل تفاعل أفضل و دلك من خلال الفضاء المخصص للتعليقات و نحن رهن اشاراتكم للتواصل معكم في أقرب فرصة.

تعليقات